أدب وفضائل طلب العلم في الإسلام وأشهر الأقوال عنه

طلب العلم
تعريف طلب العلم

إنَّ طلب العلم فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمة، وله أصوله وآدابه كما له فضائله، وعلى كلِّ مسلمٍ أن يتعرَّف على هذه الآداب والفضائل.

آداب طلب العلم

إنَّ التأدب عند التعلُّم واجب، لذلك هناك عدد من الآداب لا بدَّ لكلِّ مسلمٍ أن يعرفها، وسيتمُّ ذكرها فيما يأتي:

الصبر

على طالب العلم أن يتحلَّى بالصبر الجميل على رحلة الطلب الطويلة الشاقَّة، وأنَّ يظلّ في رحلته هذه حتى يوافيه الأجل، فلا ينقطع عن الطلب أبداً لنهاية عمره، وقد قال الله تعالى عن الصبر في سورة آل عمران: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

الإخلاص

على طالب العلم أن يتحرَّى الإخلاص في طلبه للعلم، وأن تكون غايته وجه الله وحساب الآخرة، وأن يتجنَّب الرياء وحبَّ الشهرة والظهور والاستعلاء على الناس، فهو شرُّ ما حذّر منه النبيُّ الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال في الحديث الشريف الذي رواه كعب بن مالك وأخرجه الألباني: (مَن طلبَ العِلمَ ليُجاريَ بهِ العلَماءَ أو ليُماريَ بهِ السُّفَهاءَ أو يصرِفَ بهِ وجوهَ النَّاسِ إليهِ أدخلَهُ اللَّهُ النَّار).

العمل بالعلم

إنَّ ثمرة العلم أن يُعمَل به، وهذه غايته الكُبرى، فمن تعلَّم العلم ولم يعمل به كان شبيهاً باليهود الذين قال عنهم الله تعالى بأنَّهم أشبه بالحمار الذي يحمل الأسفار؛ أي الكتب، فهو يحملها على ظهره ولا يستفيد من علمها ولا يعلم حتَّى ما فيها، وكان ذلك في قوله تعالى في سورة الجمعة: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

مراقبة الله تعالى في السر والعلن

على المسلم أن يتحرَّى مراقبة الله عزَّ وجلّ في سرّه وعلانيته، وأن يكون من السائرين إلى الله تعالى كالطائر بجناحين أحدهما الخوف والآخر هو الرجاء، فيمتلئ قلبه بحبِّ الله، فيدعوه في كلِّ حين بأن يوفقه ويرزقه العلم النافع، وأن يبلِّغه مبلغ العلماء الأفاضل.

اغتنام الوقت

على المسلم أن يبادر للتعلُّم في شبابه، وألَّا يركن للتسويف وطول الأمل، فكلُّ ساعة تمضي هي جزءٌ من عمره الذي لا يعوَّض.

الضبط والاتقان

على طالب العلم أن يتحرَّى صحة العلم قبل أن يتعلَّمه ويتقنه، ثم يسعى لحفظه ودراسته دراسةً متقنةً، وأن يكرره في أوقاتٍ محددةٍ حتَّى لا ينساه.

التواضع والتأدب مع الشيخ

لا بدَّ لطالب العلم من شيخٍ يعلِّمه، ويصحح مواطن الزلل عنده، وعليه أن يتواضع لهذا الشيخ، وأن يتأدب في التعامل معه، فمن هنا يبدأ التوفيق والنجاح.

اختيار الصاحب الصالح

لا بدَّ من تحرِّي اختيار الصحبة الصالحة في رحلة الطلب، فالصاحب يخفف عن الطالب الضجر والتعب، ويعينه على التحصيل، ويثبت فؤاده وينشِّطه في الطلب.

فضائل طلب العلم

طلب النافع من العلم هو أشرف عملٍ تُقضى فيه الأعمار، وتوضع فيه الأموال، وفضله في الإسلام لا يخفى على ذي عقلٍ رشيد، وفيما يأتي أهم هذه الفضائل:

  • العلماء هم ورثة الأنبياء، فالأنبياء لم يورثوا مالاً ولا جاهاً ولا ذهباً ولا فضةً بل تركوا لنا العلم النافع، الذي يعدُّ أشرف ما يمكن أن يقتنيه إنسان.
  • العلم يرفع صاحبه للدرجات العالية، التي لا يرفعه إليها مالٌ ولا جاهٌ.
  • أجر العلم لا ينقطع بعد موت الإنسان، وذلك لمن ترك وراءه علماً نافعاً يفيد الناس.
  • العلم يهذِّب النفس البشرية ويطهرها ويقوِّم سلوكها، فتقترب من خالقها فتنفذ أوامره وتتجنب نواهيه.
  • العلم ينير البصيرة، فيصبح مالكه مبصراً ببواطن الأمور، مدركاً لحقائقها.
  • العلم مقدَّمٌ على العبادة، ومن مات في طريق طلبه للعلم فهو شهيدٌ بإذن الله تعالى، فطريقه طريق جهاد في سبيل الله تعالى.

همة السلف في طلب العلم

إنَّ مواقف السلف الصالح وعلو همتهم في تعلُّم العلم كثيرةٌ جداً، فقد تحملوا عناء المشقة والسفر في سبيل تعلُّم العلم النافع، وآثروا العلم على كل شيء، وهذه المواقف تذكر في سبيل حثِّ طالب العلم على السعي الدائم وعدم الملل أو الكسل في الطلب، ومن مواقفهم ما جاء عن الإمام البخاري أنَّه كان يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج ويكتب فائدةً علمية تجول في خاطره، ثم يطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى غيرها، حتى يكون ذلك منه قريباً من عشرين مرة.

ومن المواقف أيضاً أنَّه كان العلاّمة النّحوي محمّد بن أحمد أبو بكرٍ الخيّاط البغدادي يدرسُ جميع أوقاته، حتّى وهو في الطّريق، وكان رُبَّما سَقَطَ في جُرفٍ أو خَبَطَتْهُ دَابّةٌ، ومن العلماء الإمام الشافعي الذي وصف همته في طلب للعلم فقال: "حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين"، وهناك غيرها من المواقف الكثير. 

أقوال السلف في طلب العلم

للسلف أقوال كثيرة حثُّوا فيها على تعلُّم العلم النافع، ذكر منها ما يأتي:

  • قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلَّمُوا العلم، وتعلَّموا للعلم السكينة والحلم).
  • قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضُه ذهابُ أهله).
  • قول أبو الدرداء رضي الله عنه: (اطلبوا العلم، فإن لم تطلبوه فأحِبُّوا أهله، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوه).
  • قول الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (ليس في الوجود شيء أشرف من العلم كيف لا وهو الدليل، فإذا عدم وقع الضلال؟!).
  • قول معاذ بن جبل رضي الله عنه: (تعلَّمُوا العلم، فإن تعلُّمه خشية، وطلبه عباده، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وبذله قربة، وتعليمه مَنْ لا يعلمه صدقة).

أحاديث عن طلب العلم

إنَّ الأحاديث التي وردت في فضل تعلُّم العلم كثيرةٌ جداً نذكر منها ما يأتي:

  • ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في نية تعلُّم العلم، وأخرجه الإمام الذهبي: (مَن تعَلَّمَ علمًا ممَّا يُبتَغَى به وجهُ اللهِ، لا يتعلَّمُه إلَّا لِيُصِيبَ به عَرَضًا من الدُّنيا، لم يَجِدْ عَرْفَ الجنَّة يَومَ القيامَةِ).
  • وما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في فضل تعلُّم العلم وأخرجه الألباني: (فضلُ العلْمِ أحبُّ إِلَيَّ مِنْ فضلِ العبادَةِ، وخيرُ دينِكُمُ الورَعُ).
  • وما وراه أبو هريرة في فضل تعليم العلم النافع حتَّى بعد الموت: (إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ؛ صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدْعو له).

آيات عن طلب العلم

ورد في كتاب الله الكثير من الآيات التي تحثّ على طلب النافع من العلم، وتذكر فضله ومنها:

  • قوله تعالى في سورة طه: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا).
  • قوله تعالى في سورة فاطر: (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
  • قوله تعالى في سورة العلق: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). 

ما هي أهمية طلب العلم في الإسلام

إنَّ للعلم أهميةٌ كبيرة تحدّث عنها الإسلام وتكمن في البداية أنَّه طريق معرفة الله تعالى، وفهم كتابه الكريم، واستيعاب السنَّة النبوية الشريفة وتطبيقها، كما أنَّ العلم هو السبيل لتقويم الأمم وبنائها والنهوض بها، فقد كان الاهتمام بطلب النافع من العلم قديماً سبيل تطور المسلمين ونهضتهم وسيادتهم، إضافةً لذلك فالعلم هو طريق الوصول إلى رضا الله تعالى والفوز بالثواب الجليل فهو طريق الإنسان للجنة، ومما لا شكَّ فيه أنَّ تعلُّم العلم هو طريقٌ من طرق الدعوة إلى الله تعالى، والسير بالناس نحو الصراط المستقيم.

أهمية طلب العلم للمرأة المسلمة

إنَّ طلب النافع العلم ليس حكراً على الرجال في الإسلام، بل هو واجب على المرأة أيضاً، فهي تريد ان تحصل على الأجر والثواب وتسعى الوصول إلى مرضاة الله تعالى كالرجال، وبسبب هذا العلم تتعلم مكارم الأخلاق والتعامل مع زوجها وأهلها والمسلمين، كما تتعلم قراءة القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وهذا كله يجعلها في منزلة عالية في الدنيا والآخرة، حيث تعمل على إنشاء بيوتٍ صالحةٍ مسلمةٍ، وتربِّي أجيالاً تعلي من شان الإسلام، وتُعمر الأرض.

وختاماً فلا بدَّ من التنويه بأنَّ طلب العلم لا يختصُّ فقط بالعلوم الشرعية، فقد حثَّ الإسلام على تعلُّم العلم الشرعي وغيره من علوم الدنيا فبها يحقق الإنسان إعمار الأرض.

 تمت الكتابة بواسطة: حنين زياد شودب.

موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب البوابة الشاملة للمحتوى العربي بكل جوانبه ومجالاته.
تعليقات