شهر رمضان هو شهر العبادات والتقرب إلى الله بالمزيد من الطاعات، ولكن على الرُغم من ذلك نجد بعض المسلمين يصومون ولا يصلون، فما حكم الصيام بدون صلاة؟
حكم الصيام بدون صلاة
روى عبد الله بن عمر في صحيح النسائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بُني الإسلامُ على خمسٍ، شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصيامِ رمضانَ"، فالصيام والصلاة فريضتان، من ترك أي منهما حجوداً فقد اتفق أهل العلم على أنه كافراً لا محالة.
ولكن جاء اختلافهم في حكم ترك الصلاة تكاسلاً مع الإقرار بفرضيتها، إذ أفضى المذهب الحنفي إلى أن تارك الصلاة متكاسلاً لا يكفر ولا يجب قتله، ولكن تتم معاقبته بالحبس إلى أن يصلي أو يتوفاه الله، وأفضى المذهب الحنبلي إلى أن تارك الصلاة مع الإقرار بكونها فريضة فإنه كافراً، يجب أن يُستتاب (يُدعى إلى التوبة ثلاثة أيام) كالمرتد، وإلا فإنه يُقتل كُفراً استناداً لرواية جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ" حيث جاء قول رسول الله في تارك الصلاة عامةً، سواء الجاحد بفرضيتها أو المتكاسل، بينما أشار المذهبين المالكي والشافعي إلى أن تارك الصلاة الذي يتقاعس عن أدائها ليس بكافر، ويجب أن يُستتاب، ليتوب ويصلي، وإلا فإنه يُقتل حدًّا مع النظر في أمر قتله لأن ترك الصلاة ليس من الحدود المنصوص عليها لرواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَنِّي رَسولُ اللهِ، إلَّا بإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، والنَّفْسُ بالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفارِقُ لِلْجَماعَةِ"، وعلى ذلك فقد ذكر موقع إسلام ويب (المتخصص في المعلومات الدينية وفقه العبادات) أن أهل العلم الذين يرون أن تارك الصلاة متكاسلاً ليس بكافراً وإنما هو مسلم عاصِ لا يؤدي فريضة من فرائض الإسلام فإن صيامه مقبول ويُجزأ عنه، أما أهل العلم الذين يرون أن ترك المسلم الصلاة مع الإقرار بفريضتها كُفراً، فإن صيامه غير مقبول ولا يُجزأ عنه إذ أن بتركه للصلاة قد حبط عمله.
وحسب ما جاء في موقع ابن باز (المتخصص في الفتاوى الإسلامية) فإن الصائم الذي يترك الصلاة فلا صوم له، ولا أي من العبادات التي يقوم بها، سواء أكان متكاسلاً أو جاحداً بوجوبها، كما أشار إلى أن الجاحد بوجوب الصلاة يكون كفره أكبر.
وحينما سُئل الشيخ الشعرواي (مُفسر القرآن والعالم الديني) رحمه الله عن حكم الصوم بدون صلاه، أجاب أنه يجب أن يُسأل المسلم عن سبب تركه للصلاة، فإن كان جاحداً بها فإنه كافر يُقتل حدّاً، وإن كان متكاسلاً فإنه يستتاب لثلاثة أيام ثم يقتل إن لم يتب، لأن الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي لا تسقط عن المسلم، وذكر الشيخ شوقي علام (مُفتي الجمهورية سابقاً) أن كل فريضة مستقلة بذاتها والصوم والصلاة فريضتان على المسلم أن يأتي بكلتيهما لينال عظيم الأجر والثواب، وإن صام وترك الصلاة فإنه يرتكب كبيرة من الكبائر، ولا يُعلم إن كان صيامه مقبول أم لا.
وعلى ما سبق من اختلافات أهل العلم في حكم الصيام بدون صلاة، فإن من يصوم ولا يصلي يقترف إثماً عظيماً ويُعرض نفسه لعقاب بالغ، ويجب تقديم النصيحة له والتذكير بالصلاة وأهمية المواظبة على أدائها في أوقاتها، كي يكون على يقين بأن صومه مقبولاً إن شاء الله.
حكم الصلاة في رمضان فقط
حسب ما جاء في موقع الإسلام سؤال وجواب (المتخصص في الفتاوى الإسلامية)، فإن من يصوم ويصلي فقط في شهر رمضان فهذا يُعد خداعاً لله عز وجل، فرب رمضان هو رب كل الأشهر، ولا يصح صيام المسلم إن كان يترك الصلاة في غير رمضان، وأضاف أن من يقوم بذلك فإنه يكفر كفراً أكبر، حتى وإن كان ترك الصلاة ليس جحوداً بوجوبها.
كذلك ذكر موقع الإمام ابن باز أن من لا يصلي سوى في شهر رمضان فإنه كافر ومثله من يصلي صلاة الجمعة فقط إلى أن يصلي كافة الصلوات لأن الصلاة هي عمود الإسلام، ويجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الوقوع في هذا الإثم العظيم، ومن فعل ذلك فعليه التوبة الصادقة إلى الله عز وجل ولا يلزمه قضاء الصلوات التي لم يُصلها.
تمت الكتابة بواسطة: مروة جمال أحمد.
هل كان المحتوى مفيداً؟ أم تريد الإبلاغ عن خطأ، رأيك يهمنا وتعليقك يفيد الموقع