حقاً "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"

لو كان الفقر رجلاً لقتلته

لو كان للفقر تعريف، لكان وجوه الفقراء، فهو أصدق تعبير عن مدى وِحشته وبشاعته، لو كان هنالك أمنية واحدة لنا، لتمنينا حقاً أن يُطبّق قول "لو كان الفقر رجلاً لقتلته".

لو كان الفقر رجلاً لقتلته ولَكان وأده حلال

وجوهٌ مُكفهرة، تقذف نثرات الحزن على هالة تلك الأجساد المتهالكة، يا لقهر ما وصلنا إليه، إن الفقر يا صديقي قاتل، وكَم كرهته حدّ البُغض، وإنني الآن أراه أينما التفتت!!.

أراه في وجوه الناس، حركتهم الهزيلة، أجسادهم المتهالكة وظهورهم المنحنية، إنهم يعكسون الفقر بأبشع مظاهره، على ملامح وجوههم الحزينة تلك التي تبكي قهراً وحسرة على لقمة طعام تملأ بطونهم الخاوية.

أو كلمة تربّت على أكتافهم المنحنية تلك علّها تعيد لها استقامتها، يا لبؤس ما نحن فيه ياصديقي، إن هذا البؤس أشبه بغمامة سوداء تقع فوقنا وتخيّم بظلالها على وجوهنا.

أنا لم أعد أطيق هذا الحال، لا يقتلني شيء سوى رؤية أولئك الأطفال الجيّاع، أو تلك النظرة التي تحمل حسرةً وهي تُطلق العنان لنفسها لترقب كل جديد على واجهة متاجر الألعاب، وكأنهم يعيشون أحلامهم الوردية من شكل اللعبة خلف الواجهة الزجاجية داخل خيالاتهم الصغيرة.

أو تلك النسوة التي تجالس الشوارع لتنتظر ورقة نقدية تقع بين راحات كفوفهم الخشنة وظاهرها المجعّد إذ أكلته السنين وزادت هزالتها حالة الجوع المستمرة التي يشعرون بها.

ليتك تعلم يا من تقرأ كَم أن الجوع صعب، إنه خواء البطون حتى تبدأ بأكل نفسها علّها تُبقي على حياة صاحبها، ليتك تُدرك حجم القهر عندما يُشاهد أولئك أطفالهم وهم يطلبون الحلوى ويعلمون مسبقاً أنهم لن يتذوقوها متى أرادوا ذلك، ليت بيوتهم تكون دافئة أقل الإيمان.

إنها منازل متهالكة، جدرانها مدمرة، ونوافذها غير موجودة، يستخدمون الأكياس البلاستيكية واللحاف لكي يغلقوا برد الشتاء القارس ويمنعوه من الدخول إلى المنزل لأنه ما إن دخل فإنه سيشقّ طريقه داخل عظامهم الهشة تلك، أنا لم أعد أحتمل هذه المشاهد على الإطلاق…

بل وإنني أشعر بأن عدالة الدنيا لم تكن يوماً حقيقة، إنها خدعة استخدمها الأثرياء ليقنعوا أولئك الفقراء بأن هذه قوانين الحياة، وهذه العدالة مناسبة للغاية ويحتاج كل امرؤٍ لكي يغير واقع حاله، أن يُعيد أدلجة عقله حتى يحصل على المال وبهذا تتحقق العدالة بالنسبة إليه، فالعدالة ليست سوى الكيفية التي يعمل بها العقل.

يا لخيبتنا يا صديقي…

تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.