![]() |
| قصة الذهب الملعون |
في يومٍ من الأيامِ، وبينَ ظلالِ الغابةِ الكثيفةِ، وجدَ ثلاثةُ أصدقاءٍ صندوقاً مليئاً بالذهبِ، لكنّهم لم يعلموا أنَّه بدايةُ نهايتِهم، هذه هي قصةُ الذهبِ الملعونِ.
قصة الذهب الملعون والأصدقاء الثلاثة
في غابةٍ بعيدةٍ، تحيطُ بها الأشجارُ من كلِّ جانبٍ، وتغنّي فيها الطيورُ صباحاً ومساءً، عاشَ ثلاثةُ حيواناتٍ أصدقاءُ: ثعلبٌ يُدعى رُكانَ، وغرابٌ يُدعى ساجيّاً، وسلحفاةٌ تُدعى ميّاسَ، كانوا يعيشونَ معاً في وِئامٍ، يتشاركونَ الطعامَ والمأوى، ويساعدُ بعضُهم بعضاً في السراءِ والضراءِ.
لكنَّ الجفافَ حلَّ بالغابةِ، فقلَّتِ الثمارُ وجفَّتِ الجداولُ، واشتدَّ بهم الجوعُ حتّى لم يجدوا ما يسدُّ رمقَهم، اجتمعوا ذاتَ مساءٍ يفكّرونَ في حلٍّ، فقالَ رُكانُ بحماسٍ:
"لنرحلْ معاً بحثاً عن رزقٍ جديدٍ، فربّما نجدُ أرضاً أخصبَ أو رزقاً أوفرَ".
وافقَ الجميعُ، وانطلقوا معَ بزوغِ الفجرِ، يسيرونَ بخطىً واثقةٍ رغمَ التعبِ، كانتِ الشمسُ تزدادُ حرارةً، والريحُ تملأُ الجوَّ بالغبارِ، لكنّهم واصلوا السيرَ بإصرارٍ.
وبينما هم يعبرونَ الطَريق لمحَ الغرابُ بريقاً غريباً، فصرخَ قائلاً:
"انظروا! هناكَ شيءٌ يلمعُ!".
![]() |
| لحظة اكتشاف الكنز |
اقتربوا بحذرٍ، فإذا هو صندوقٌ خشبيٌّ صغيرٌ مدفونٌ جزئياً في الترابِ، فتحَهُ الثعلبُ بحذرٍ، فإذا هو مليءٌ بالذهبِ اللامعِ.
تجمّدوا من الدهشةِ، وعمَّ الصمتُ بينهم لحظاتٍ طويلةً.
قالتِ السلحفاةُ بصوتٍ هادئٍ:
"ربّما لهذا الكنزِ صاحبٌ ضائعٌ، علينا أن نبحثَ عنه".
لكنَّ الثعلبَ قالَ بخبثٍ:
"بل هو رزقٌ ساقهُ اللهُ إلينا، فلماذا نُعيده؟".
تردّدَ الغرابُ قليلاً، ثمّ وافقَ أخيراً، فقرّروا أن يتقاسموا الذهبَ لاحقاً عندما يعودونَ إلى الغابةِ، ولأنَّ الصندوقَ كانَ ثقيلاً، اتّفقوا أن تذهبَ السلحفاةُ لتجلبَ عربةً خشبيّةً من القريةِ القريبةِ.
وبينما كانتْ تمشي ببطءٍ في طريقها، تسلّلتْ إلى قلبها وساوسُ الطمعِ:
"أنا من أتعبُ وأسعى، فلماذا أشاركهما؟ سأحتفظُ بالذهبِ لنفسي".
وفي الوقتِ نفسه، كانَ الثعلبُ يهمسُ للغرابِ قائلاً:
"أترى يا ساجي؟ لو بقينا نحن فقط، لكانَ نصيبُنا أعظمَ".
ابتسمَ الغرابُ وقالَ:
"حقّاً، لنَكُنْ ذكيَّينِ!".
لكنَّ السلحفاةَ كانتْ قد سبقتْهما بخطّةٍ ماكرةٍ، إذْ دسَّتْ سُمّاً قاتلاً في بعضِ الثمارِ لتقدّمها لهما عندَ عودتها.
وعندما رجعتْ بالعربةِ والطعامِ، رحّبَ بها الثعلبُ والغرابُ فرحينَ، فأكلوا معاً بنهمٍ شديدٍ، غيرَ مدركينَ لما ينتظرُهم، وبعدَ لحظاتٍ قليلةٍ، سقطا يتألّمانِ بشدّةٍ، ثمّ ماتا على الفورِ.
اقتربتِ السلحفاةُ مذعورةً، تنظرُ إليهما بعيونٍ دامعةٍ، فشمتْ رائحةَ السمِّ القويّةَ تنبعثُ من الثمارِ، فدوّخها الهواءُ المسمومُ، وبدأتْ تتنفسُ بصعوبةٍ، حاولتْ الزحفَ مبتعدةً، لكنّها سقطتْ عاجزةً على الأرض، ولفظتْ أنفاسَها الأخيرةَ بجوارِ الكنزِ الملعونِ، الذي صارَ شاهداً على خيانةٍ أودتْ بالجميعِ.
![]() |
| نهاية الأصدقاء الثلاثة |
وفي الصباحِ، مرَّ نسرٌ عجوزٌ فوقَ المكانِ، فرآهم صرعى حولَ الذهبِ، فقالَ بأسىً عميقٍ:
"ما أقسى الطمعَ! إنّهُ سمٌّ يقتلُ صاحبهُ قبلَ أن يقتلَ غيرهُ".
العِبرة من القصة
- الطمعُ لا يُشبعُ، بل يُطفئُ ما تبقّى من ضوءِ القلوبِ.
- من خانَ لأجلِ المالِ، خسرَ أغلى ما يملكُ.
- ليس كلُّ كنزٍ نعمةً، فبعضُهُ لعنةٌ تُهلكُ أصحابَها.
- حينَ يغيبُ الرضا، يحضرُ الطمعُ ومعهُ الهلاكُ.
- الوفاءُ أثمنُ من كلِّ ذهبٍ في الأرضِ.
- القلوبُ التي يملؤها الجشعُ، لا تعرفُ راحةً ولا أماناً.
- من طلبَ الغنى بغيرِ حقٍّ، أفقرَهُ اللهُ في قلبِه قبلَ يدهِ.
- المالُ وسيلةٌ للعيشِ، لا غايةٌ الحياةِ.
- ليست الخيانةُ في الفعلِ فقط، بل في النيّةِ التي تُخفيها القلوبُ.



هل كان المحتوى مفيداً؟ أم تريد الإبلاغ عن خطأ، رأيك يهمنا وتعليقك يفيد الموقع