قصة مريم العذراء كاملة بشكل مختصر ومبسط

مريم العذراء
معلومات عن مريم العذراء

سورة كاملة في القرآن الكريم حدثتنا عن مريم العذراء العابدة لله عز وجل الموقنة بقدره وقدرته، والدة عيسى (عليه السلام)، فمن هي وما قصتها؟

من هي مريم العذراء؟

قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة آل عمران: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" الآيتان رقم 35، 37.

فمريم العذراء أم نبي الله عيسى، وهي ابنة عمران بن ياشهم بن آمنون بن منبن بن حزقيا بن أحريق بن يويم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن احريهو بن يازم بن يهفاشاط بن اشابرابان بن رحبعم بن سليمان بن داود بن إيشا، وأمها حنة بنت فاقوذ بن قتيل، وُلدت في الناصرة بفلسطين استناداً لما جاء في "كتاب الإشارات" إلى معرفة الزيارات "للهروي أبو الحسن" (بالمكتبة الشاملة).

وحسب ما جاء في تفسير جامع البيان في تفسير القرآن "للطبري"، فإن أم مريم قد نذرتها لله (جعلتها عتيقة لعبادته) لأنها حملت بها وهي مُسنّة، بعدما دعت الله عز وجل أن يهبها طفلًا عندما رأت طائراً يُطعم فرخه بينما كانت تستظل بشجرة، وقد توفي عمران في فترة حملها.

صلة القرابة بين مريم العذراء وزكريا (عليه السلام)

يُقال إن نبي الله زكريا (عليه السلام) هو زوج خالة مريم وهي "إيشاع بنت فاقوذا"، استناداً لما جاء في موقع "إسلام ويب" (المتخصص في القصص القرآنية)، ويُقال أيضاً إنه زوج أختها إيشاع بنت عمران، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) بالسلسلة الصحيحة:

"الحسنُ والحُسينُ سيِّدَا شبابِ أهلِ الجنَّةِ إلا ابنَي الخالةِ عيسى ابنُ مريمَ ويحيى بنُ زكريا"، فعلى القول الأول يكون يحيى (عليه السلام) ابن خالة مريم، والقول الثاني يكون يحيى (عليه السلام) ابن أختها، وقد كان زكريا (عليه السلام) كافلًا لها لقول الله تعالى:

"فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" سورة آل عمران الآية رقم 37.

وذكر ابن إسحاق (العالِم الإسلامي) أن نبي الله زكريا قد كفل مريم لأنها كانت يتيمة، وقيل أيضاً أن بني إسرائيل أصابهم عام من الضنك كان سبباً في أن يكفُل زكريا مريم بعدما اقترع مع بعض من الأحبار (علماء اليهود) كانوا يودون كفالتها إذ ألقوا أقلامهم في النهر، فذهبت جميعها مع التيار إلا قلم زكريا، فقد قال الله تعالى في الآية رقم 44 من سورة آل عمران مخاطباً رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم):

"ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ".

كما قال ابن عاشور (الفقيه والعالم الإسلامي) في كتاب التحرير والتنوير: "ولما ولدت مريم كان أبوها قد مات، فتنازع كفالتها جماعة من أحبار بني إسرائيل، حرصاً على كفالة بنت حبرهم الكبير، واقترعوا على ذلك، فطارت القرعة لزكرياء، والظاهر أنَّ جعل كفالتها للأحبار لأنها محررة لخدمة المسجد فيلزم أن تربى تربية صالحة لذلك".

فتعلمت مريم من زكريا (عليه السلام) العلم النافع والقيام بالعمل الصالح، وكانت تتعبد في المحراب فكلما دخل عليها زكريا وجد عندها الرزق الوفير بلا كدّ منها أو تعب، وقيل في جامع البيان في تفسير القرآن للطبري إن ذلك الرزق كان فاكهة الصيف في فصل الشتاء، وفاكهة الشتاء في فصل الصيف.

حمل مريم العذراء

قال الله تعالى: "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" سورة آل عمران الآيتين رقم 42، و43.

فقد أخبرت الملائكة مريم أن الله قد اختارها لكثرة تعبُّدها واصطفاها على نساء العالمين بعدما طهّر قلبها، ليكون ذلك تمهيدًا للمعجزة الجليلة وهي حملها دون أن تتزوج أو يلمسها بشر، قال الله تعالى:

"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا" سورة مريم الآيات من رقم 16 إلى 21.

فقد ابتعدت مريم عن البشر لكي تتعبد لله عز وجل ولهذا لُقبت بالبتول حسب ما جاء في موقع "إسلام ويب"، وقيل لتطهر من طمثها، حيث ذهبت إلى جهة شرقية، فأرسل الله إليها جبريل على هيئة بشر، وبحسب ما جاء في موقع الإسلام سؤال وجواب (المتخصص في المعلومات الدينية) فقد بعثه الله إليها بهذه الهيئة كي لا تنفر منه ولا تخاف، بل تستمع إلى حديثه وتطمئن إليه.

ولأنها كانت عفيفة تقيّة استعاذت بالله منه لأنها ظنت أنه يريد بها سوءً خاصةً وأن صورته كانت بالغة الحُسن، فأخبرها جبريل أنه مُرسل من الله عز وجل ليُعلمها أنها سترزق بولد.

تعجبت مريم لقول جبريل لأنها لم تقع في الفاحشة ولم تتزوج، ولكن أخبرها الرسول أن الولد الذي سترزق به هو آية من الله دلالة على قدرته، ونفخ جبريل في جيب درعها (يُحتمل أن يكون الفرج حسب ما جاء في "موقع إسلام ويب")، وقيل نفخ في فمها، فحملت في عيسى عليه السلام.

ولادة العذراء مريم

أهل العلم قد اختلفوا في مدة حمل مريم العذراء، فمنهم من أفضى إلى أنها حملت تسعة أشهر كغيرها من النساء، بينما قال عكرمة (عالم ومُفسر إسلامي) إنها حملت ثمانية أشهر، وعلل ذلك بأن ولد الثمانية أشهر لا يعيش، ورُوي أيضًا عن ابن عباس أنه قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت، ولكن ابن كثير (الفقيه الإسلامي) أشار إلى هذا القول غريب.

وعليه فإنه غير معلوم مدة حمل مريم بعيسى، ولكن الأرجح أنها حملت عدة أشهر، وذلك لأنه كان معها في مكان التعبد رجل صالح يُدعى يوسف النجار، قد لاحظ كبر حجم بطنها تدريجيًا وتيقن من حملها، ولكنه كان يصرف الفكر السيء عن نفسه استشهادًا بعبادتها ونزاهتها، إلى أن سألها قائلًا:

"يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ، قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حب؟ وهل يكون زرع من غير بذر؟ وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت: نعم، وفهمت ما أشار إليه، أما قولك: هل يكون شجر من غير حب؟ وزرع من غير بذر؟ فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر، وهل يكون ولد من غير أب؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم"، فما كان منه إلا أن صدّقها.

ومضى الوقت إلى أن استشعرت مريم أن قومها قد ارتابوا في أمرها، فذهبت إلى مكان بعيد كي لا يصلون إليها أو يرونها، وشاعت الأحاديث في بني إسرائيل حينها بأن والد طفل مريم هو يوسف، لأنه لم يكن معها سواه في مكان العبادة.

وبينما تمكث مريم في مكان بعيد (بيت لحم) تأتيها آلام المخاض (الولادة) التي لم تعلم عنها شيئًا من قبل، وهي تتمنى لو أنها ماتت قبل حدوث ذلك، لتتفاجأ بطفلها الصغير يناديها عقب ولادته فيدلّها على المكان الذي تتزود منه بالطعام والشراب حيث النخلة التي تُسقط عليها التمر إن قامت بهزها، وجدول مليء بالماء العذب، فقد قال الله تعالى:

"فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا" سورة مريم الآيات من رقم 23 إلى 26.

فبعد أن تكلم عيسى (عليه السلام) في المهد وتناولت مريم الطعام والشراب، هدأ روعها وسكن قلبها، خاصةً وأن الله عز وجل منحها الحُجة التي تواجه بها قومها وهي الصوم عن الحديث، وعُمر مريم حين وضعت طفلها لم يتم تحديده نصًا في الكتاب أو السنة، فقد أشار الطبري في تفسيره إلى أن النصارى يزعمون أنها كانت حاملًا وهي ابنة ثلاثة عشر عاماً.

موقف بني إسرائيل من ولادة مريم العذراء

يقول الله عز وجل في سورة مريم الآيتين رقم 27، و28: "فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا".

ومعنى أخت هارون أنها كانت تماثل هارون (عليه السلام) في الورع والتقوى، فقد استنكر قومها أنها أتت إليهم وهي تحمل طفلًا، ظنًا منهم بأنه جاء عن طريق غير شرعي، لكنها لم تتفوه بكلمة واحدة، وأشارت إلى طفلها، وكانت المعجزة أن تحدث مرة أخرى وسرد حقيقة الأمر، حيث كانت المرة الأولى عقب ولادته، قال الله تعالى:

"فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" سورة مريم الآيات من 29 إلى 33.

وفاة مريم العذراء

استنادًا إلى تفسير القرطبي، فإن عيسى ابن مريم رُفع إلى الله عز وجل وعمره اثنين وثلاثين عامًا وبضعة أيام، وعاشت مريم بعد هذه المعجزة ستة أعوام، وبزعم النصارى أن عمرها حين حملت كان ثلاثة عشر عامًا، فإن عمرها حين قضى أجلها كان خمسين عامًا ونيفًا (من عام إلى ثلاثة أعوام).

وأشار بعض أهل العلم أن ما حدث لمريم بعد رفع عيسى لا يُعلم عنه شيء لعدم توافر أدلة من الكتاب أو السنة.

منزلة مريم العذراء في القرآن والسنة

قال الله تعالى في سورة المائدة الآية رقم 75: "مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ"، وأشار موقع "إسلام ويب" إلى أن الصديقية هي المنزلة التي تلي النبوة لأن كلمة صدّيقة تعني الصدق سلوكًا، فعلًا وقولًا.

وروت عائشة أم المؤمنين: "وأنِّي سيِّدةُ نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ إلَّا مَريَمَ بِنتَ عِمْرانَ"، كما روى عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "أفضَلُ نِساءِ أهْلِ الجنَّةِ خديجةُ وفاطمةُ ومَريَمُ وآسِيةُ" إضافة إلى سورة مريم التي خُصصت لقصتها كاملة.

تمت الكتابة بواسطة: مروة جمال أحمد.

موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب البوابة الشاملة للمحتوى العربي بكل جوانبه ومجالاته.
تعليقات