![]() |
سيناريو طموحات قيد التنفيذ |
أنا عَقلك الواعي، أُحدّثُ العُمق الداخلي لصراعاتك، وأبحث عن إجابة، ماذا فعلتي يا صغيرة حتى الآن؟ سيناريو طموحات قيد التنفيذ.
سيناريو طموحات قيد التنفيذ أو قيد الإيقاف!
نحن وجهان لعملةٍ واحدة، هي العقل، لكننا نختلف عن بعضنا البعض بأنني الطرف الواعي بيننا وأنت المخبئ في دواخل كل شيء حتى أنك تحب الاختزال لدرجة تخزين جميع الذكريات، وبما أنك لن تفتح الأبواب لأرى ما فعلت تلك الصغيرة طوال عمرها، فإنني سأوجه سؤالي لها حتى تقوم هي بنبش الذكريات والإفصاح عما تريد.
هيا يا حلوة، ما رأيك أن نجالس بعضنا قليلاً بما أننا وحيدان في المنزل، وبدلاً من إشغالي في العدم مما يزيد حالة الإحساس بالفراغ لديك ثم يرفع من مستوى الحزن، دعينا نقوم بعمل بحث صغير حول أهدافك التي حققتها، أتذكرينها؟ تلك التي كنتِ تكتبينها على الورق وتعلّقينها على الجدران حتى يتم التنفيذ.
ـ هممم، سألتني سؤالاً كُنت أحاول دائماً ألا أضعه صوب عيني حتى لا أشعر بالفشل أكثر.
فشل؟ هل تعتقدين أن تلك الأحلام التي بقيت على طابور الانتظار تدل على الفشل؟.
ـ ليس هذا ما قصدته على الإطلاق، ليست تلك الأحلام التي بقيت تنتظر المترو حتى ينتشلها ويأخذها نحو محطة الوجود، بل تلك التي انتشلها ثم أطاح بها أرضاً عند أول شدّة.
هل يمكنك توضيح الأمر أكثر؟.
ـ إنها تلك الحالة، حيث تسعى إلى ما تريد، وتُضاعف جهدك حتى يُسرق النوم من عينيك، ولكنك لا تحزن ابداً، بل تشعر وكأنك تزرع بذوراً في الأرض وتسقيها ثم تحرثها لتأتيك بحصادك في النهاية.
همممم، حسناً!!! وماذا بعد؟.
ـ عندما بلغت السابعة عشر من عمري، أقسمت أن أتخرج من الكلية بمعدّلٍ عالي ولكن كل شيء فشل، تغيّر الحال فجأة وأصبحت أنجح بموادي بصعود الأنفس، لأنني كُنت قد فقدت شغف المعدل وأصبح عظيم أحلامي أن أتخرج فحسب بسبب ما حدث!.
ـ ثم تزوجت، واذكر تماماً أنني كُنت صغيرة للغاية ولكنني ورغم هذا نظرت إلى وجه زوجي ذات يوم، وأطلقت سهمي صوب أحلامه وأخبرته، سيأتي يوم وأضع أمامك سيارة أحلامك، سأفعل كل ما بوسعي حتى أحقق هذا الأمر!.
ـ اذكر أنه لم يضحك على عشوائية قولي المعسول بالطفولة والبراءة، بل إنه صدقنّي حدّ التغيّب، ثم تعاهدنا أنا وهو سوياً أن نتخلص من حالة عدم الاستقرار والسكن مع العائلة كلها، لأننا أردنا لحبنا طقوساً خاصة سعينا لنعيشها كما هي دون وجود المتطفلين أو إحساس انعدام الخصوصية، لذا كان مخططنا هو شراء منزل بعد خمسة سنوات من الزواج!.
حسناً، وهل تحقق أياً من ذلك؟.
ـ ههه، بالتأكيد لا، أخبرتك أنني كُنت طفلة حمقاء، تفتح يديها بصغر كفيّها وتعتقد أنها ستنال ما تحلم به بسرعة، تخيل أن قرارها هذا كان عن خلفية وضعها للنقود التي توفرها في الحصالة؟.
حقاً؟ هل اعتقدت أنك بهذه الحصالة ستشترين منزلاً وسيارة؟.
ـ نعم، تخيل؟ يا لي من غبية، لكن هذه الأحلام كانت مادية للغاية، وغايتها الأساسية كانت شيئاً آخر تماماً، أولها تواجدي مع حبيب روحي لوحدنا، وولادة ثمرة حبنا بيننا فقط، ثانيها تحقيق حلم حبيبي… أن يقود سيارة!!.
ـ لذا أيقنت أن الأمر شبه مستحيل ولكن لا بأس من توفير بعض المال والانتقال حيث الجدّ والكدّ، بدأت العمل هنا وهناك، عملت لـ اثنا عشر ساعة كاملة في متجر أدوات تجميل، ثم متجر لبيع الأحذية، ثم شركة بيع أكواد خصم في الشوارع، ثم بيع البضائع من المنزل، ثم إعطاء دروس خصوصية في منازل الطلاب و…… إلى آخره يا هذا لقد مللت!.
حسناً، وإلى ماذا وصلتِ حينها؟.
ـ إلى خيبة الأمل!!، كان الأمر أصعب من انقطاع الأوكسجين عن رئتي، أن أرى عائلتي تعيش مع عوائل أخرى، تحت سلطان اللاقدرة على الاستقلالية، وأن نعيش على حساب المساعدات، لقد شقّ الأمر على نفسي جداً لذا قلت لنفسي، لا بد أنني لن أستطيع تغطية متطلبات هذا المنزل ولا الاستقلالية حتى، فبدأت أحلامي الحقيقية تشقّ طريقها نحو رأسي وتخربش على قدراتي تتحداها، لذا، قبلت التحدي!.
ـ صار حلمي، اسماً، وجوداً، كياناً، ونجاحاً، صارت أحلامي حقيقية، لم تعد تتمحور حول تأسيس استقرار عائلي مادي فقط، بل تجاوزت الأمر لأن يشتمل على تأسيس كيان للذات التي تهمّشت، ونجاحاً يليق بي وبعائلتي ومنه كان سينجح كل شيء حلمت به، منزل، عائلة، أطفال وكينونة خاصة بنا!.
هذا رائع فعلاً، وهل وصلتي للنجاح؟.
ـ أنت تضحكني يا هذا، أنا أحمق من أن أصل لشيء، حلم الكاتبة تلك لا يزال ينتظر بصيص الشمس حتى يُنيره، كذلك الأمر حلم الدخول في الوسط الإعلامي الإذاعي، لم يتحقق بعد أن تم إيقافه من قبل عائلتي، ولا حتى حلم المنزل الذي بدأت أكرهه وألغيه من رأسي، ولا حتى حلم…… العائلة، والأطفال!!.
ـ لذا بإمكانك أنك تقول، بأن أحلامي تلك، لا تزال قيد التنفيذ، حتى طموحاتي توقفت حتى إشعارٍ آخر!!.
تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.
هل كان المحتوى مفيداً؟ أم تريد الإبلاغ عن خطأ، رأيك يهمنا وتعليقك يفيد الموقع